رواية أفراح منقوصة نديم وفاتن الفصل السادس عشر 16 هي رواية رومانسية بقلم الكاتبة أمل صالح، تجمع بين "نديم" الذي يحمل في داخله وجعًا يخشاه الجميع، و"فاتن" التي تحاول أن تضيء حياته رغم كل الظلال المحيطة به.
رواية أفراح منقوصة نديم وفاتن الفصل السادس عشر 16
- والله أبدًا ما يحصل، ولا راجعة معاكم ولا مع غيركم، عُمري ما هدخلها تاني ولا هرجع على ذمته.
زعقت بالكلام ده غادة، اللي كان قاعد قدامها في بيت أبوها فاتن ونديم، بيحاولوا يتكلموا معاها ويقنوعوها بالرجوع لبيتها تاني وحل المشاكل اللي بينها وبين مجدي بهدوء وبدون ما حد يحس أو يعرف.
كان رد فعل نديم أول ما عرف إن طلاقها من أخوه مجدي وتطاوله عليها بسبب مشكلته هو وفاتن، إنه جاب فاتن وجالها لحد بيت أهلها عشان يتكلموا معاها ويقنعوها بالعدول عن رأيها.
اتحركت فاتن وطلعت قدام في قعدتها وهي بتحاول معاها تاني: اقعدي مع مامتِك هنا يا غادة لحد ما تهدي أنتِ ومجدي وارجعوا اتكلموا تاني بـ...
ظهر الإعتراض على وش غادة وتعبيراتها قبل ما تتكلم وتقاطع فاتن بإصرار ورفض قاطع: مش راجعة في حتة قولت، ولا عايزة أشوف خلقته تاني أو أسمع صوته..
وحركت راسها بالنفي وهي بتتكلم بإستنكار:
_ عايزني أرجعله إزاي بعد ما غِلط فيّا وفي تربيتي وفي أهلي، وكل ده ليه؟؟ عشان قولت الحق! عشان ماسكتش عن الغلط والأذية اللي بتحصل قدام عيني!
شاورت على نفسها وهي مكملة بعدم تصديق ودهشة: جاي يقولي إني السبب، عايزني أتفرج على المهزلة اللي كانت بتحصل وفي بُقي جزمة!
وابتسمت بوجع: وصلت بيه يشتمني بأبويا اللي في تُربته!! لأ ولما رضيت عليه الـ.ـدم غِلىٰ في عروقه أوي وكان هيمد إيده، ولما لقاني بدافع عن نفسي ومش سامحاله قام رامي عليّا الطلاق، الــحِــمــش!
ضغطت على آخر كلمة مع إرتفاع نبرة صوتها في سخرية واضحة.
اتنهد نديم وهو بيسمعلها من البداية لحد ما خلصت وهو مش عارف يرد يقول إيه تاني، معاها حق ... أخوه هو اللي غلطان!
لكن مقدرش يفضل مكانه ومايتحركش لما عرف إن كل ده حصل لما مجدي عرف إنها هي اللي قالتله على اللي عمله مختار مع فاتن.
وجنبه كانت قاعدة فاتن، بتسمع برضو ... بس بشرود غريب وتفكير، غادة قالبة الدنيا وعاملة كل ده عشان بس كلام ومجرد تفكير مجدي بإنه يمد ايده عليها، أول مرة يسيء ليها .. ومن أول مرة ماسكتتش!
بصت لبيت غادة حواليها، مكنش موجود حد غير أمها، معندهاش أخوات وأبوها متوفي، وبرغم ده ماخافتش، وهي ... هي اللي أبوها، أخوها، عمها وولاده موجودين عشانها كانت موعوبة!
سكتت وعدت وخافت، لحد مابقت مُقيدة تمامًا بخوفها من مختار، مختار اللي نفر واحد بس من عيلتها صباع واحد منه ينهيه، ليه وعشان ايه..؟؟؟
كان ممكن غيرتِ حاجات كتير أوي من البداية لو مكنتيش سكتِ.
ليه يا فاتن سكتِ من أول مرة؟؟
مختار...!
مختار ده في إيه يخوف؟؟
عينيه ونظراتها الحادة؟! ولا ابتسامته المريبة؟
ولا أي حاجة، شخص حقير نكرة كان ممكن يوقف عند حده بإشارة واحدة من صابعك لأخوكِ أو أبوكِ.
سكتِ ليه يا فاتن..؟!
يخلّص عليكِ...؟!
يخلّص عليكِ إزاي؟؟
أنتِ عندِك أهل يسألوا عليكِ،
مستحيل كان ينفذ تهديده الواهي ده!
لو كنتِ فكرتِ دقيقة واحدة بس بعيد عن خوفِك واضطرابك كنتِ أدركتِ ده، إزاي يموتِك ببساطة، كان كلام يا مغفلة ... كلام وأنتِ بسذاجتِك صدقتيه وخليتِ حياتِك غَم وحزن رغم إن زمام الأمور كلها كانت في إيدِك.
سكتِ ليه يا فاتن؟؟
كان هيبلغ نديم بكلام كذب عنِك...؟!
طب ونديم يا فاتن كان هيصدق؟؟
نديم! حبيبِك!
كان هيقلب الدنيا كلها عشانِك ومكنش هيسكت، لو هو أبوه فأنتِ فاتن، كان لازم تتكلمي ... كان لازم تعترضي وترفضي وتاخدي موقف من أول مرة!
مكنش ينفع تسكتِ،
مكنش ينفع تخافي،
مكنش ينفع تكوني ضعيفة،
مكنش ينفع تعيطي في كل مرة ورا باب أوضتِك زي العيال الصغيرة!
مكنش ينفع .. مكنش ينفع ... مكنش ينفع!
_ فــاتــن!
اتخضت وهي بتتنفض في مكانها بفزع، بصت حواليها .. الكل بيبصلها بنظرات مستغربة وقلقانة عليها؛ دموعها اللي نزلت فجأة بصمت وسط شرودها وايديها اللي احمروا نتيجة فركها ليهم خلوا اللي حواليها متوترين ليها رغم عدم فهمهم.
بصت لنديم اللي ناداها بصوت عالي وهي حاسة بحيرة وتيه، بصت لغادة اللي مسكت كوباية ماية وقربتها منها وهي بتسألها بقلق:
_ أنتِ كويسة يا فاتن؟؟
وبصت لنديم وسألته: هي تعبانة ولا إيه؟
نقلت فاتن بصرها لنديم اللي كان بيبصلها بخوف وقلق، نده عليها كتير، حركها بإيده كتير وهو شايفها بتعيط، لكن مكنتش بتستجيب لكل ده، زي التمثال بتبص قدامها ودموعها مغرقة وشها.
فرّق كفوفها اللي اتجرحوا نتيجة فركها ليهم عن بعض، مسك كف منهم ومسحه برفق بين ايديه وهو بيسألها: في إيه؟؟ إيه اللي حصل!
_ أنا ... أنا عايزة أمشي يا نديم، عايزة أروّح.
حطت غادة الكوباية من ايدها زي ما كانت وبصت لنديم واتكلمت بتفهم: ياريت تروحها فعلًا عشان شكلها تعبان خالص، وبالنسبة للي كنتوا جايين عشانه فأنا كلمتي مش هتتغير أبدًا يا نديم..
وقف وساعدها تقف فقربت منهم غادة بعد ما وقفت هي كمان ومسحت على دراع فاتن بمحبة حقيقية: إبقي طمنيني عليكِ.
ابتسمت لها فاتن بالعافية وهي بتحرك راسها ليها بإيماءة بسيطة، وخرجوا الإتنين من عند غادة ومحدش فاهم أي حاجة، ولا حتى هي!
فتح نديم تلفونه واتصل على سراج أخوها، حط التلفون فوق ودنه وهو بيبصله وإيده سانداها: مالِك يا فاتن؟ كنتِ بتعيطي كدا ليه ولا سرحتِ في ايه؟
رد عليه سراج فوقف يكلمه: أيوة يا سراج، هات عربية أبوك وقابلني عند حلواني ** اللي عند الكوبري، لأ مفيش حاجة إحنا كويسين، ما تنجز يا سراج!!
قفل المكالمة في وشه وهو بيتمتم بغيظ من تساؤلات سراج اللانهائية ورجع ورجع يبص لفاتن تاني، كانت عارفة إنه هيسأل تاني وتالت وعاشر، بس مكنش عندها رد ليه!
مش عارفة ترد تقول إيه لأنها هي نفسها مش فاهمة.
_ أنا كويسة يا نديم، هبطت فجأة ومعرفش حصل إيه فعشان كدا قولتلك أروح..
كملوا مَشي بالراحة عشانها، كان ساندها رغم إنها كانت ماشية طبيعي ولكن تحسبًا، بص حواليه لثواني قبل ما يبصلها: طب استني أجيبلِك حاجة تشربيها، اقعدي على السلم ده على ما أجيب من هنا...
وبالفعل راح بخطوات سريعة ناحية سوبر ماركت قريب منهم، اختفى جواه دقايق معدودة قبل ما يخرج ويرجعلها تاني وفي ايده كيس أسود.
قعد جنبها على السلم، كانت ضامة رُكبها ليها وبتبص قدامها بسرحان مفاقتش منه غير لما حست بيه بيقعد جنبها، بصتله وهو بيطلع محتويات الكيس وبيحطها على السلم ما بينهم:
_ عصير برتقان وكيكة بالفراولة، ربنا يتوب عليكِ بقى من العك ده!
ابتسمت على جملته اللي قالها بهزار واستنت تشوف جاب ايه لنفسه، ضحكت بصوت عالي وهي شايفاه بيخرج من الكيس علبة عصير برتقان وكيكة بالفراولة! زي بتوعها بالظبط!
بصلها بتذمر وضيق مصطنع: ايه في ايه؟؟ أنتِ اللي نقلتيلي العدوى من أيام الخطوبة!
بصتله بحب وهي مستمتعة بحاولته إنه يخرجها من حالتها الغريبة دي، فتح عصيرها والكيكة بتوعها وأعطاهم ليها بإبتسامة صغيرة فخدتهم منه وهي بترد عليه بتقبل لمحاولته:
_ ماتنكرش إنه mix خطير!
فتح بتوعه ورد عليها: لأ طبعًا، أنا أقدر!
ابتسمت وهي بتشرب العصير وبتاكل الكيكة وكذلك هو، عدّى حوالي دقيقة من الصمت قطعته هي بسؤالها: هو إحنا ممكن نكون السبب في اللي حصل ده يا نديم؟
حط علبة العصير جنبه وجاوبها بعد ما آخد نفس طويل وهو بيبص للطريق قدامه:
_ غادة معاها حق يا فاتن، مجدي أخويا غلط، مش مرة ولا اتنين ولا تلاتة، غلط في كل مرة حصل واتعرض ليكِ أبويا قدامه وفضل ساكت، وغلطه الأكبر كان آخر مرة، شاف خوفِك وأذى أبويا ليكِ وسمع إهانته وماتحركش..
بصلها:
_ أما بقى طلاقهم فده يعتمد عليها هي، مجدي أخويا مش هيستحمل يوم واحد من غيرها وهيجي يبوس رجليها عشان ترجع وهي يا توافق يا ترفض، ومحدش هيلومها لو رفضت..
مسك ايدها:
_ وإحنا ملناش دعوة بكل ده، ولا إحنا السبب فيه زي ما بتقولي، هي عملت اللي يرضي ضميرها قصاد ربنا، محدش طلب منها تقول بس هي عارفة إن مينفعش ماتقولش، وهو غبي مابيتفاهمش ولا بيفكر، كان ممكن يسكت لما عرف إنها قالت ويداري خيبته، أو لو خلاص يعني جاية معاه بزعل يعاتبها براحة وبعقل، لكن للأسف اختار الهمجية عشان يتكلم معاها....
حرك راسه بيأس وهو بيبص قدامه من جديد: وهيرجع يعيط تاني.
كل الحوار ده وهم قاعدين على سلم البيت الغريب!
ابتسمت فاتن وهي بتتمسك بكفه وعقلها بيرد بنفسه على سؤاله السابق، نديم الجميل اللي قاعد قصادها ده عمره ما كان هيصدق أبوه، هي اللي كانت غبية بسكوتها.
_ الله! إيه يا حبايبي الحلاوة دي؟؟ عصافير كناري يا أخواتي ولا إيه؟؟
شالت عينها بسرعة من على نديم وكأنها اتمسكت متلبسة بشكل غلط في حين رفع نديم حاجبه وبصله بإبتسامة مراوغة وهو بيرفع ايد فاتن ناحيته وبيبوسها قبل ما يقول وهو بيستفز سراج:
_ بموت في أختَك دي يا سراج، بموت فيها مووت كدا..
وطى سراج جاب طوبة صغيرة من على الأرض شوحها في نديم بغيظ: ما تقول مراتي يا حيوان أنت! إيه بموت في أختك دي؟؟
ضحكت فاتن وهي بتقف وبتقرب من سراج: خلاص يا سراج بيهزر معاك يا أخي!
بصلها بعصبية وهو بيشاور على نديم اللي لسة قاعد مكانه ورا بيبصله بإبتسامة مستفزة: هو ده هزار ده؟؟ بصي ... بصي بيبصلي إزاي المهزق ده.
بصت لنديم فرفع أكتافه بنظرات بريئة زادت من عصبية سراج اللي وطى يجيب طوبة تانية!
_ لأ لأ بس يا سراج بس يا نديم بقى!
وقف نديم ونفض هدومه وهو بيقرب منهم: وأنا عملت ايه عشان أبس؟؟ هو اللي تعبان في دماغه
_ ياض ماتحرقش دمـ.ـي ياض!
مسكت فاتن دراع سراج وحركته بالعافية ناحية عربية أبوهم اللي جه بيها وهي بتتكلم بزهق: خلاص بقى ارحموا نفسكم وارحموني! يا سراج اتحرك بقى وماتتبتش نفسك في الأرض كدا أنا مش قدَك.
وقف عند العربية يستناها بعد ما رجعت لنديم تاني، وقفت قصاده وسألته بجدية: هتروح لعمو مختار مش كدا؟
حرك رأسه بدون ما يتكلم فحركت راسها هي كمان وسكتت! ثواني معدودة عدت قبل ما ترفع رأسها:
_ لو عرفت تراضيه راضيه، ماتعملش مشاكل تانية يا نديم وخلّص معاه أي كلام في موضوعنا ده..
ابتسم وحرك راسه: ناوي على كدا بإذن الله من غير ما تقولي.
ابتسمت وشاورتله بإيده: يلا سلام، هستناك نكون خلصنا البيت بقى..
رجعت لسراج اللي كان مراقبهم زي الصقر من مكانه، كل ما عينه تيجي في عين نديم يرفع ايده ويمشيها على رقبته بتهديد، ركبت الأول وشاورتله من العربية مرة تانية بعدها ركب سراج واتحرك لبيتها الجديد.
**********************
ولما وصلوا وقابلت نعمة أمها، اترمت في حضنها واتفتحت في العياط، مكنتش بخير ولا كويسة زي ما بينت لنديم أو سراج، كانت محتاجة تتكلم ولكن مكنش ينفع مع نديم عشان أبوه ولا مع سراج عشان عصبيته وانفعاله..
ولما شافت أمها كأنها ما صدقت!
_ أنا غبية يا ماما، غبية وأستاهل كل اللي حصلي ده، كان ... كان ممكن أمنع حاجات كتير من اللي حصلت دي من أول مرة بس .. بس معرفتش، عشان أنا جبانة .. ضيعت فرحتي وأنا لسة عروسة، من أول موقف تافه حصل كان لازم أتكلم بس معرفتش، لحد .. لحد ما المواقف التافهة كترت وكبرت، غبية .. غبية.
سابتها نعمة تتكلم وتعيط وتخرج كل اللي جواها في حضنها، لحد ما هدت، بعدتها عنها ومسحت وشها من الدموع:
_ أنت مش غبية ولا حاجة يا حبيبة ماما، أنتِ طيبة زيادة عن اللزوم بس يا فاتن، يمكن دي غلطتنا من الأول إننا حاوطناكِ بعيد عن الدنيا وكنا مخبينك عن كل حاجة في الدنيا، بس أنا مش زعلانة من طيبتِك، يقولوا هبلة يقولوا عبيطة، يقولوا اللي يقولوه وا تشغلي بالِك، أنتِ اللي على الفطرة يا عبيطة..
مسحت على ضهرها وطبطبت وهي بتكمل:
_ بعدين كل اللي حصل ده قدر ومكتوب، نصيبِك ومهما روحتِ وجيتِ كان هيطولِك، لو مكنش ده كله حصل مكنتيش وصلتِ للي أنتِ فيه ده، مكنتش طريقة تفكيرِك اتغيرت، كان زمانِك لسة قاعدة في البيت مع حماكِ بيضايق فيكِ ليل نهار، كان زمان نديم لسة مسافر ولا داري باللي بيحصل في مراته هنا، مكناش عرفنا إحنا كمان يابنتي باللي الراجل ده عمله فيكِ، ربنا ليه ترتيباته وحكمته في كل شيء، قولي الحمد لله إن محصلش حاجة أسوء من كدا، الحمد إن جوزِك معاكِ وواقف جنبِك ومصدقِك...
حضنتها ومسحت على راسها: قولي الحمد لله يابنتي أنتِ أحسن من ناس كتير بيعانوا ووضعهم أسوء من وضعِك ١٠٠ مرة!
غمضت فاتن عينها وهي لسة بتعيط وهمست: الحمد لله.
**********************
_ خلاص بقى أنا زهقت والله، أنت مش خايف يابا؟؟ مش خايف من عمايلَك وجبروتَك ده؟! ارحم نفسك وارحم اللي حواليك من قسوتِك دي.
كان بيتكلم نديم بإنفعال رغم إنه قطع وعد بينه وبين نفسه إن يمرر الحوار بدون أي مشاكل، لكن كالعادة مختار خرجّه عن شعوره!
آخد نديم نفسه وبصله بتعب: يابا فيه الأكبر مني ومنك، ربنا ... يمهل ولا يهمل، اتعب لآخرتِك وحاسب نفسك على اللي عملته عشان فانية والله..
_ والأرض اللي خلصتها من غير ما أعرف دي وروحت جبت بحقها دار ليها؟؟ مش هتحاسب نفسك أنت كمان عليها؟؟!
كان بيتكلم بتعب،
لسة ماتعافاش أصلًا من تعبه،
لكنه مختار!
وقف نديم وبصله: الأرض دي ولا حاجة جنب اللي عملته، أنت عارف .. والله لو قولتلها بس حقِك عليا يا فاتن هتقولك محصلش حاجة يا عم مختار..
وابتسم بزعل حقيقي: إزاي قدرت تعمل فيها اللي عملته ده؟؟ إزاي قلبك طاوعك بجد وأنت عارف ومتأكد من مدى طيبتها؟!
بص مختار جنبه وماردش فقال نديم آخر كلماته قبل ما يمشي: سامح يابا، سامح عشان هي كمان تسامح..
وخرج نديم من عند أبوه، زعلان إنه لسة وبرغم كل اللي حصل مش عارف يتخلى عن قسوته أو يلين شوية، زعلان إن انتهى بيهم المطاف على هذا الحال، خلاف مع أبوه، خلاف مع أخوه، بيت بعيد عن بيت أهله، طلاق أخوه لمراته، فاتن ونفسيتها اللي لازالت في النازل..
ولكن ... ما باليد حيلة،
كُلٌ يجنى ما زرع.
**********************
رجع نديم البيت بليل بعد العشا، محبش يرجع على طول وهو في ضيقه عشان يعرف على الأقل يبتسم في وشها بدون تكلف، رجع ومعاه شوية مشتريات وتسالي.
ابتسم وهو بيتفرج على منظر البيت من برة وهو منوّر، صوت فاتن وعيلتها جاي من الجنينة، دخل وألقى السلام بإبتسامة حقيقية:
_ ده واضح كدا إنكم خلصتوا كل حاجة!
بصت نعمة ناحية ركن من أركان الجنينة وندهت: تعالي يا فاتن أهو جه أهو.
لفت فاتن بصت ناحيتهم وقربت منهم بسرعة وهي بتتكلم بلهفة وقلق: ايه يا نديم التأخير ده كله؟؟
قربت خطوة زيادة وصوتها وِطىٰ وهي بتسأله: حصل حاجة ولا إيه؟
نفى بنفس الإبتسامة وهو بيناولها الأكياس فخدتهم منه بعدم اقتناع واتحركت جوة البيت، بصلهم نديم واتكلم بإبتسامة وهو بيشاور لجوة: هجيب الحاجات الحلوة دي مع فاتن ونيجي..
ولحقها لجوة، كان هيدخل وراهم سراج لكن قرصة أمه ليه من ودنه وقفته مكانه: اهمد بقى، اهمد ياللي منك لله أنت وبطّل حركاتَك دي..
حاول ينقذ ودنه من بين ايديها: يا ماما عطشان يا ماما في إيه؟؟
وبص للسيد أبوه اللي كان مندمج في قراءة شيء مهم على تلفونه: ما تتكلم يا بابا وتقولها عيب اللي بتعمله ده، ده حتى أنا خلاص كمان كام سنة وهتم الـ30..
رفع السيد عينه من على التلفون ومن تحت نضارته قال بلامبالاة: اعملي اللي أنتِ عايزاه يا أم فاتن.
_ أم فاتن؟؟ دلوقتي بقت أم فاتن؟؟ يا ماما ودني يا ماما خلاص والله!
وجوة، دخلت فاتن عشان تدخل الحاجات اللي جابها نديم وتجهزها لأهلها، كانت ماشية بشرود وهي بتحاول تخمن اللي حصل بينه وبين مختار، لحد ما - كالعادة - فوقها نديم من شرودها ده!
_ العسل سرحان في ايه يا ترى؟
حطت ايدها فوق قلبها وبصتله بعيون واسعة مخضوضة: بسم الله الرحمن الرحيم! خضتني يا نديم!
ضحك على شكلها للحظات قبل ما يشدها ناحيته ويحضنها: إسم الله عليكِ يا حبيبة عيني من الخضة، نعمل إيه بس في قلبِك الرهيف ده؟!!
بادلته الحضن بسكوت، سكوت قطعته وهي لسة جوة حضنه بسؤالها: ايه اللي حصل يا نديم؟
رد عليها وهو مغمض عينه بتلذذ للراحة اللي حاسس بيها: ولا أي حاجة.
_ ولا أي حاجة إزاي؟؟ عمو قالك ايه؟؟
وبنفس الجملة جاوبها: ولا أي حاجة برضو والله..
وكانت هتتكلم تاني، قاطعها وهو بيشدد على عناقه ليها: ششش، اسكتي بقى يا شيخة وبطلي رَفص في النعمة!
ابتسمت على جملته واستسلمت لحضنه، لحد ما قطع هو السكوت ده: أنا مبسوط يا فتون، مبسوط ومرتاح..
_ وأنا كمان...
وكملت بأغرب جملة سمعها في حياته: الحمد لله إنك جوزي يا نديم، الحمد لله..
بصلها: ده يابختي أنا والله إنك مراتي وحبيبتي، هيلاقوا فين فاتن تانية بعدِك؟؟
_ لأ هي واحدة بس ماتقلقش..
ضحك على جملتها فبعدت عنه وهي بتضحك هي كمان، فتح الأكياس اللي جابها وبدأ يخرج اللي فيها وهو بيرد على جملتها: ده كدا كدا ياستي.
رفعت صابعها في وشه بتحذير لا يليق ببرائة وشها ولطافته: أوعى تفكر تدور على فاتن تانية، أنا بحذرَك..
بصت حواليها وابتسمت وهي بتفتح دراعها وبتشاور على المكان بفرحة طفلة صغيرة: ايه رأيك في ترتيب المكان؟؟ حلو!
ضحك على تحولها السريع ورد عليها وهو مشغول في تجهيز الأطباق: حلو ... تسلم ايديكِ.
_ لأ ما ماما اللي مرتباه مش أنا.
ضحك من قلبه على تعليقها البسيط وشال طبق كبير في ايده وهي كذلك، واتحركوا لبرة بعد ما حاوط أكتافها بدراعه الفاضي وهم بيتكلموا في حاجات عشوائية والبسمة لا تفارق ثغورهم..
وها هم في فرحة جديدة يعيشونها، فرحة سُبقت بأفراحٍ عدة منقوصة ليصلوا في نهاية المطاف لأخرى كبيرة، ربما تكتمل و ربما ... لا!
إلى هنا يُسدل الستار على قصتنا في صفحة جديدة بختام "تمت" لنا و"يُتبع" لهم، على أمل أن تتبع حياتهم بكل ما هو جميل. ♡
تـــــمـــــت! ᥫ᭡
___________________________________
