رواية أفراح منقوصة نديم وفاتن الفصل الخامس عشر 15

رواية أفراح منقوصة نديم وفاتن الفصل الخامس عشر 15 هي رواية رومانسية بقلم الكاتبة أمل صالح، تجمع بين "نديم" الذي يحمل في داخله وجعًا يخشاه الجميع، و"فاتن" التي تحاول أن تضيء حياته رغم كل الظلال المحيطة به.

رواية أفراح منقوصة نديم وفاتن

رواية أفراح منقوصة نديم وفاتن الفصل الخامس عشر 15

_ يابني أنت بتجادل في إيه! بقولَك والله لا في طلاق ولا إجراءات ماشيين فيها ولا أي حاجة، مصمم على كلامَك اللي الله أعلم جايبه منين ده كدا ليه؟!!! 
_ قولتلَك ياعم سيد ناس برة قالولي ومأكدينلي...
وطّىٰ صوته واتكلم وهو بيبص حواليه وكأن في حد بيتنصت عليهم وهو بيطلع قدام في قعدته:
_  أنا فاهم طبعًا إن حضرتَك ممكن تكون عامل على كلام الناس، أو مثلًا عايزين تخلصوا الموضوع سُكيتي من غير ما حد يحس، بس ملوش لزوم يعني تعمل اللي بتعملوه ده! دانا جيت عليك دُغري، وأنت عارف إن مليش في شغل العوق..
طلّع سراج صوت من بُقه بشفقة على غريب وهو بيتفرج على محاولاته المستميتة في كسب موافقة السيد عن زيجته من فاتن أخته، اللي هي أصلًا بالفعل متجوزة .. لكنه مقفل دماغه ومش راضي يقتنع!
وقبل ما يرد السيد عليه اتكلم سراج وهو بيحاول يمسك نفسه من نوبة الضحك اللي انتابته من وقت ما دخل غريب البيت واتكلم عن الموضوع:
_ طب بس صلِّ على النبي كدا يا باشمهندس، صلِّ عليه واهدى كدا..
رجع غريب يتعدل في مكانه وهو بيصلي على النبي بضيق بادي على وشه، وكأنه صاحب حق!
بص سراج لأبوه واتكلم وهو بيضحك بعد ما فشل في كتم ضحكاته:
_ لأ ومتضايق أوي. 
برقله السيد أبوه فقفل بُقه بحركة وهمية من ايده ورجع لورا وهو بيسمع للحوار بصمت زي الأول بعد ما كان ناوي يتكلم؛ لكن كل ما بيفتح بُقه بيفشل في موارة ضحكه!
اتكلم سيد وهو بيبص لغريب بنفاذ صبر:
_ يا غريب أقسم بالله فاتن بنتي ما اطلقت ولا هتطلق، أنت دلوقتي قاعد تكلمني عن طلاقها وهي أصلًا مع جوزها بيتفرجوا على شقتهم الجديدة!
اتنهد وهو بيختم كلامه بإرهاق من جداله اللامُجدي:
_ فعيب تقعد القعدة دي وتكلمني عن جوازَك من بنتي وهي على ذمة راجل، وراجل بيموت فيها وبتموت فيه، ولو شم خبر بقعدتنا دي الدنيا هتقوم ومش هتقعد.
_ هو لسة هيشم!!
قالها سراج تزامنًا مع دخول فاتن ونديم من باب الشقة، كانت فاتن بتبصلهم بتوتر وهي بتحاول تخمن ردود أفعالهم بعد مرواحها مع نديم وغيابها كل ده معاه، والمفترض إنهم مش بيتكلموا وعلى خصام!
وراها بخطوة واحدة كان واقف نديم، مش شاغل باله كتير بردود أفعالهم أو كلامهم اللي هيقولوه؛ هو كدا كدا قرر خلاص، الموضوع منتهي بالنسبة إليه..
لكن كان واقف بيبص للشخص الغريب اللي قاعد في بيت حماه وبيبصله بنظرات غريبة، مكنش متأكد نديم إذا كانت غيظ أو ضيق أو غضب، المهم إنها مكنتش نظرات عادية ... بالمرّة!
وقف سراج وهم تحركوا لجوة، بص السيد لفاتن واتكلم بحدة وعيونه بتبرق ليها بشكل سبب ليها قلق: خشي أوضتِك دلوقتي.
والحقيقة إنه كان عايزها تختفي عن عيون غريب اللي كانت بتلاحقها هي وجوزها، لكن فاتن مانتبهتش لده أو فهمته، ربطت عصبية أبوها وانفعال صوته ونظراته بخروجها من البيت مع نديم، فاتحركت بصمت ودخلت أوضتها.
أمّا برة، بص السيد لغريب بنفس نظرة الغضب، واتكلم وهو بيقف وبيمد ايده ليه: نورت يا غريب، روح أنت الشغل دلوقتي ولما آجي بكرة نتكلم...
وقف غريب وبصله بإعتراض، وقبل ما يتكلم ويُبدي اعتراضه ده شد السيد ايده وصافحه بالعافية في إشارة واضحة وتحذير بعدم نطق كلمة واحدة:
_ نوّرت يا غريب!
عقد غريب حواجبه بانفعال اترسم على معالم وشه وهو بيوزع نظراته بين التلاتة؛ السيد، سراج المبتسم للحياة بشكل مبالغ فيه، وأخيرًا نديم اللي رغم جهله لمحور الحوار إلا إنه كان شاكك بوجود شيء خاطئ في الموضوع.
وخرج غريب من البيت، ولم ينسى قبل خروجه أن يمر جنب نديم ويخبطه في كتفه بشكل يبان عن بُعد إنها غير مفتعلة أو متعمدة لكن بالنسبة ليهم كانوا فاهمين إنها مقصودة، حتى نديم اللي مكنش فاهم حاجة حَس بِده!
بعد خروج غريب كانوا التلاتة واقفين قصاد بعض، بص نديم لحماه وسراج واتكلم وهو بيشاور بإبهامه للخلف كإشارة لهذا الغريب:
_ في ايه؟ ومين ده؟!
ضحك سراج بقوة وهو بيقعد مكانه وايده على بطنه: ده؟؟ ده ضُرتَك.
وابتسم السيد أبوه غصب عنه وهو بيقعد هو كمان مع محاولة لرسم الجدية على وشه وهو بيبص لسراج بتحذير، بصلهم نديم بعدم فهم، شكوكه حوالين غريب بتتصاعد، ومحدش فيهم بيشرح أو يوضح حاجة!
قعد نديم قصادهم وعينه على سراج اللي لسة بيضحك، بيبصله بغيظ وصوت خافض جواه بيقوله يقوم يخلّص على المستفز اللي قدامه ده!
اتكلم السيد وغيّر الكلام في الموضوع ده وهو بيحاول يتوه على الموضوع ويبعده عن تفكير نديم:
_ وصلتوا لإيه بعد الجنان ده بقى يا أستاذ نديم؟؟
انتهى سراج أخيرًا من نوبة ضحكه، وكأنه كان ناسي عملة نديم وبمجرد ما اتكلم أبوه افتكر، فاتكلم بضيق وهو بيبص لنديم بطرف عينيه:
_ هيكونوا وصلوا لإيه، تلاقيه أكل بعقلها حلاوة وأقنعها زي كل مرة..
حرك نديم حواجبه الإتنين باستفزاز لسراج وهو بيرد عليه بإبتسامة خُبث:
_ لا وحياتك هي اللي أكلت بعقلي لما شبعت!
_ إحنا هنهزر ولا إيه؟؟
رفع نديم كفوفه باستسلام وبراءة: لا والله أنا بقول الحقيقة!
ضربه سراج على رجليه: طب خِف حلاوة يا مسكر، خف عشان الجو مش مستحمل.
ابتسم نديم بسماجة وهو بيحركله راسه قبل ما يرجع يبص للسيد ويتكلم معاه بجدية:
_ بعد إذنك ياعم سيد محدش يقول حاجة لفاتن أو يتكلم معاها، إحنا اتكلمنا واتفقت معاها ترجع لما ننقل العفش بتاعنا البيت الجديد، يعني كمان يومين تلاتة بالكتير، ولحد ما ده يحصل هي قاعدة عندكم..
اتنهد السيد وهو بيضرب كفوفه سوا: أنا يابني هتكلم معاها أقولها إيه؟! أنا كل اللي يهمني في الموضوع ده كله إنها تكون قاعدة مبسوطة ومرتاحة في حتة مش شايلة هم حاجة فيها...
وبصله وكمل وهو بيضغط على كلامه:
_ وإن محدش يتعرضلها بأي حاجة، تبقى قاعدة متطمنة ومش قلقانة وقاعدة دماغها مسوّاحاها، تحسب هي عملت ايه صح وعملت إيه غلط، ماتبقاش قاعدة مستنية حسابها على حاجة معملتهاش..
أخد نفس وكمل وهو بيحرك ايده في الهوا تجاه نديم:
_ أي حاجة تانية فبينكم ... تحلوها سوا وتتكلموا فيها من غير ما تدخلوا طرف تالت يعرف ايه الحوار أو المشكلة، حتى لو أنا. 
وقرب من نديم وطبطب على رجله:
_ حافظ على فاتن يا نديم، فاتن بنتي حاجة ماتلاقيهاش مرتين في الزمن ده، ومش بقول كدا عشان بنتي والله، بس ربنا يشهد إنها غلبانة غُلب وقلبها مفيش أطيب منه، حاولت كتير أغيّر ده فيها عشان زي ما أنت شايف الدنيا بقت عاملة إزاي، بس لا أنا ولا أمها عرفنا، حصلها مشاكل ومواقف كتير ياما بسبب طيبتها دي بس برضو ماتعلمتش...
بص لنديم بعد ما كان بيتكلم وعينه سرحانة في نقطة ما:
_ فبالله عليك يابني خلي بالك منها، سيبك بقى من الشوية اللي عملتهم وطلقني ومش عارف إيه، هبلة والله وعشان كدا ماكررتهاش تاني.
_ ياعم سيد صدقني أنت مش محتاج تقولي الكلام ده، فاتن لو ينفع أحطها في عيني وراسي كنت عملت، مش محتاج توصيني عليها، وصدقني والله أي حاجة حصلتلها قبل كدا كان غصب عني وبدون علم مني، عارف لو قعدت اتأسف ليها وليكم من هنا لآخر العمر مش هيجي حاجة جنب اللي شافته، بس والله أنا بحاول بكل ما فيا أعملها كل حاجة حلوة وأعوضها عن الأذى اللي طالها في غيابي وأرجّعها زي ما كانت..
_ عارف من غير ما تقول، عارف.
سكتوا لكام ثانية بعدين بص نديم لسراج وقال بإبتسامة صغيرة: إيه مش عايز تقول حاجة؟؟
رجع سراج لورا وربّع ايده: لأ ياخويا، ربنا يهني سعيد بسعيدة.
*******************
وقد كان، خلال ثلاث أيام كانت كل حاجاتهم اتنقلت من شقته اللي في بيت أبوه لبيتهم الجديد، وفي اليوم الرابع كانوا كلهم متجمعين في البيت عشان يتفرجوا عليه ويساعدوا فاتن في ترتيبه.
دخل سراج رمىٰ نفسه على كنبة في الانتريه ونام عليها براحة وبدون ما يخلع اللي في رجليه، جه نديم من ورا خبطه على رقبته واتكلم من بين سنانه:
_ آه يا عجل يا منتن، قوم ياض اقلع الزفت اللي بتتمشى بيه ده من رجليك، بعدين واخد راحتك كدا ليه؟؟ شوية شوية هجيبك من تحت الدُش!
_ بيت أختي وأعمل اللي عايزه، شيل إيدك بقى عشان عدم اللامؤاخذة مش عارف أنام براحتي..
اتقلب ونام على جنبه واتكلم وعينه مقفولة باستمتاع: يا سلام على رقة الفرش وطراوته يا سلام..
فتح عين واحدة وبص لنديم اللي واقف فوق دماغه: لما يخلصوا فرش الشقة كلها صحيني أتقلب على الجنب التاني.
_ يا بجاحتك!
خلال وقت حوارهم ده كان السيد قاعد في الجنينة برة على كرسي صغير، مبتسم وهو حاسس بمُتعة خاصة بيلاقيها في العزلة بين الزرع الأخضر ونسمة الهوا اللذيذة المحاوطاه، صوت القرآن اللي كانوا مشغلينه في البيت من أول ما جُم كان صانع أجواء خاصة زادت من راحته وسلامه النفسي. 
بينما فاتن ونعمة أمها كانوا واقفين في المطبخ بيرتبوه وبينظموا متعلقاته.
_ مبارك عليكِ يا فاتن، ربنا يجعل أيامكم كلها سعادة وفرح يا حبيبتي.
ردت عليها فاتن بشرود في أدوات المطبخ بين ايديها: لسة مش عارفة أفرح يا ماما، لسة عم مختار ماعرفش باللي حصل، الله أعلم هيعمل إيه لما يفوق ويوصله كل ده...
سابت اللي في ايدها واخدت نفس طويل: مش عايزة أبين لنديم قلقي ده عشان هو أصلًا متوتر من غير حاجة، بيحاول مايبينش قدامي إنه قلقان بس أنا عارفة إنه خايف من رد فعل أبوه..
_ ما تقلقيش على نديم يا فاتن، أبوه مهما راح وجه واتنطط وعمل إيه هيفضل ابنه ومستحيل يأذيه..
_ هو مش خايف من أذية أبوه يا ماما، خايف على أبوه مش منه، نديم مهما أبوه عمل مش هيعرف يكرهه وهيفضل يحبه، وعم مختار مش سهلة عليه أرضه تتباع وهو ولا داري بأي حاجة كدا، ممكن يجراله حاجة فيها !
فركت ايديها سوا وهي بتكمل وعينها في الأرض: خصوصًا إنه عمل كل ده عشاني، ده هيجنن عم مختار أكتر وهيكبر الموضوع أكتر ما هو كبير..
طبطبت نعمة أمها على ضهرها بحنان: افرحي يا فاتن باللحظة وماتفكريش في اللي جاي وبعدين، ماتشغليش دماغِك بـ ياترى هيعمل إيه وهيسوي إيه وهيقول إيه، سيبي بكرة لبكرة وخليكِ في النهاردة.
عيونها دمعت: مش عايزة أكون السبب في مشاكل بينه وبين أبوه يا ماما، لو حصل خلاف بينهم الباقيين كلهم هيبعدوا عن نديم؛ مجدي أخوه وأمه وعيلتهم كلها هياخدوا صف أبوه حتى لو هو غلطان، ونديم ساعتها هيبقى لوحده.
_ مفيش حد لوحده وربنا موجود يا فاتن، هيبقى معاه ربنا وعنده أنتِ وإحنا !
بصت لأمها اللي كملت بإبتسامة: نديم ده يشهد ربنا غلاوته عندي من غلاوة سراج أخوكِ، يعني ابني .. فعمره ما يبقى لوحده.
ابتسمت لأمها بامتنان قبل ما يرجعوا يكملوا اللي كان بيعملوه.
وبرة، في الطابق التاني من البيت تحديدًا، أخد نديم سراج وطلعوا فوق عشان يركبوا السراير والدولاب، وخلال ما كانوا بيركبوها وما بين مناوشات الإتنين جاله مكالمة من أمه.
_ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
ما ردتش السلام حتى، تكلمت مباشرة بصوت عالي وصل لسراج رغم عدم اهتمامه بالمكالمة:
_ أخوك طلق مراته يا نديم، تعالى عشان أبوك عايزَك .. وعشان تشوف الحِزن اللي إحنا فيه.
يتبع...ᥫ᭡ 
___________________________________

تعليقات