رواية أفراح منقوصة نديم وفاتن الفصل الرابع عشر 14

رواية أفراح منقوصة نديم وفاتن الفصل الرابع عشر 14 هي رواية رومانسية بقلم الكاتبة أمل صالح، تجمع بين "نديم" الذي يحمل في داخله وجعًا يخشاه الجميع، و"فاتن" التي تحاول أن تضيء حياته رغم كل الظلال المحيطة به.

رواية أفراح منقوصة نديم وفاتن

رواية أفراح منقوصة نديم وفاتن الفصل الرابع عشر 14

_ أنتوا بتضحكوا على إيه؟!! بتضحكوا على إيه بجد!!
قالها سراج وهو واقف قصاد أمه وأبوه اللي مَيِّتـ.ـين ضحك لسة من وقت ما جِرىٰ نديم بفاتن، بيزعق بجنون وهو بيلف حوالين نفسه بعد ما فتح الباب ولقاهم اختفوا من البيت والمنطقة كلها.
اتكلمت نعمة أمه من بين ضحكها وهي بتضرب كَف بالتاني: طب والله الواد ده عسل!
سراج عيونه وسعت بعدم تصديق ودهشة وهو بيميِّل راسه شوية وبيقربها من أمه: ماله يختي الواد ده؟؟؟
وبِعد عنها تاني ورجع يزعق بعصبية: أنتوا قاعدين عادي كدا إزاي؟؟ ده بدل ما تجيبوا قراره وتـ...
قاطعه السيد أبوه وهو بيشاور على الكنبة جنبه عشان يقعد ولسة الإبتسامة على شفافيه نتيجة ضحكه من شوية: اقعد ياض وبطّل فرك! جوزها ده ... مش خاطفها عشان نقوم نجري وراه، سيبه يراضيها بقى بطريقته.
_ يراضيها؟! معنى كدا إنك هتسيبها ترجع معاه  ... تاني يا بابا؟!!
هِدىٰ أبوه وجاوبه بجدية وهو بينفي بسبابته:
_ مش تاني ولا حاجة، أنت بنفسَك سمعت هو عمل ايه عشان يبعدها عن أبوه، وأنا وأنت وكلنا عارفين ومتأكدين إن عملته دي هتوديه في داهية لو ماظبطهاش صح، وعملها ... عشان أختك.
وكملت نعمة مراته على كلامه رغم عدم رضاها التام عن موضوع الشقة وخصوصًا مكانها:
_ ربنا وحده يعلم أبوه الجبروت ده هيعمل فيه ايه لما يفوق ويعرف باللي عمله نديم ده، ده غير أمه ومجدي أخوه اللي زمانهم مقومين الدنيا دلوقتي!
_ أنا مش مصدق والله اللي بتقولوه ده، مش مصدق ولا فاهم حاجة!!
رد عليه السيد أبوه: ولا هتفهم طول ما أنت سايب عصبيتك وانفعالك ممشينَك، قولتلك ١٠٠ مرة في حاجات تستاهل نقلب الدنيا عليها، وفي حاجات بتبقى محتاجة نهدى ونتعامل بالهداوة...
وكمل وهو بيبصله بغيظ:
_ الناس يابني بتتكلم بلسانها وأنت اسم الله عليك بتتكلم بإيديك ورجليك، مفيش مرة خرجت فيها من باب الشقة إلا وأنا حاطط ايدي فيها على قلبي لحد ما ترجع واتأكد إنك مهببتش حاجة برة تودي نفسك بيها في داهية!
رجع سراج ضهره لورا براحة وقال بفخر وبإبتسامة واسعة استفزت أمه وأبوه: حبيبي يا حج تسلم والله، كله بفضل من الله وحُسن التربية..
زعقت نعمة أمه بعصبية: حُسن مين يابو حُسن، مخلفة بلطجي ومقعداه معانا في البيت أنا ولا إيه؟!! ناقص تطلعلي مُوس من بُقك يا سراج! 
رجع اتعدل تاني في قعدته وهو بيتكلم بضيق: أيوة برضو مش موضوعنا ده، إحنا مش هنعمل حاجة؟؟ هنفضل قاعدين كدا ولا كأن حاجة حصلت!
وقفت نعمة أمه وردت عليه وهي بتشمر أكمامها وبتتحرك ناحية المطبخ: لأ مش هنعمل، سيب الإتنين يحلوا أمورهم سوا واطلع أنت منها..
اختفت جوا المطبخ فحرك عينه اللي كانت بتبصلها لأبوه وكان على وشك يعترض على كلامها، لكن قاطعه السيد أبوه وقال:
_ أختك مش عيّلة صغيرة عشان نجري وراها كل شوية، ده غير إنها مع جوزها مش حد غريب عشان تعمل اللي أنت عامله ده.
وكمل بعد ما أخد نفسه ومسك ريموت التلفزيون من جنبه وبدأ يقلب في قنواته:
_ أنا وأنت وكلنا عارفين نديم عمل إيه عشان أختك، من يوم ما دخل بيتنا عشان يطلبها ولحد ما اتجوزوا وإحنا شايفين هو بيعمل إيه، وأنت بالذات مش محتاج أحكيلك لأنك المفروض كان في يوم من الأيام صاحبك، وكنت شايف بيحفي إزاي بليل والنهار عشانها، ولحد النهاردة لسة بيعمل عشانها ومابطّلش...
بص لسراج تاني بعد ما كان مركز على الشاشة قصاده وكمل:
_ أنا سايبه ياخدها دلوقتي بمزاجي، وسيبته قبل كدا ياخدها برضو بمزاجي، وكل الحوارات اللي حصلت دي كنت ممشيها بِـدَه..
قال آخر جملة وهو بيبصله وبيشاور على راسه كإشارة لعقله، وكمل تقليب في القنوات قدامه وهو مستمر في الكلام:
_ كلامنا عن الطلاق وعدم رجوعها ليه لما جَت أول مرة مكنش بجد؛ أكيد مكنتش هخرب على بنتي وهي لسة عروسة مكملتش حاجة، ولأني عارف إنه شاري أختك وبيحبها بجد ومكنش هيطلقها، كان موقف وخدناه عشان أبوه يعرف إن وراها رجالة يجيبولها حقها، ومش عشان ساكتة ومابتقولش عن اللي كان بيعمله يسوق فيها ويفكرها سبهللة!
ساب الريموت من ايده:
_ وعشان نديم برضو يعرف إنه مش بالساهل وبكام كلمة يبقى محصلش حاجة، ويبقى عامل حسابه فيما بعد إن دي مايتعملهاش إلا أحسن حاجة، وتبقى راحتها عنده أهم من أي حاجة، لا يقول بقى مش معايا ولا مش هقدر دلوقتي، يتشقلب ويعمل اللي يخليها مبسوطة ومرتاحة ومش شايلة هم حاجة في الدنيا..
ورفع حواجبه الإتنين وهو بيأكد على صحة وجهة نظره:
_  اجهاض أختك ده كان نصيب آه وكل حاجة، بس لو مكنش حصل ... قصاده مكنش هيحصل حاجات كتير تانية، زي موقف أختك اللي خدته من نديم، رغم إنه جه لحد عندها وساب أبوه في عز تعبه إلا إنها ولأول مرة وقفت قصاده واتكلمت بجرأة، وكمان طلبت الطلاق ودي كبيرة على فاتن بنتي، ونديم ... راح جَري باع أرض أبوه وجاب شقة عشانها، كان ممكن يقعدها عندنا هنا لحد ما يتصرف بأي طريقة تانية بس هو حس إنها هتضيع منه، وعرف إنها اتظلمت بوجودها في بيت أبوه فقرر يتحرك عشانها..
عقد سراج حواجبه بضيق:
_ أنت عارف فاتن وشخصيتها يا بابا، مش هتعرف تثبت على موقفها قصاده زي كل مرة، زمانه أكل بعقلها حلاوة دلوقتي، شوية هتلاقيها جاية تقولك أنا راجعة مع نديم بيتنا..
_ وأنت إيه اللي مضايقك أوي كدا؟؟ سيبه يا سيدي ياكل بعقلها حلاوة وسيبها تدلع على راحتها، هو طالع عينه من كل ناحية وهي لسة زعلانة منه وعلى اجهاضها، سيبهم ياعم يتراضوا سوا بعد ما طلع عينهم، ولو على أختك فهي اخدت وقتها بكفاية في الزعل ولو كانت فعلًا عايزة تطلق مكنتش قالتها مرة وسكتت، لأ ... هي كانت مستنية يجي تاني وياخدها بالعافية زي ما عمل دلوقتي..
_ بس يا بابا مكـ...
قاطعه السيد وهو بيرمي الريموت بعصبية وبيقف: ولا أنت دماغك تخين كدا ليه؟؟ جتك القرف قفلتلي يومي، وسع كدا من وشي ... وسع!
********************
على الناحية التانية، عند فاتن ونديم اللي شدّها وجرىٰ بيها من دقايق من بيت أهلها، مَر على خروجهم من البيت بالشكل ده ما يقارب الربع ساعة.. 
ربع ساعة كاملة من الصمت المهيب بين الإتنين، صمت محدش فيهم حاول يقطعه ولو بحمحمة يلفت بيها الإنتباه، ساكتين تمامًا ... وكأنهم خايفين يتكلموا فيحصل مالا يُحمد عقباه.
خايفين إن لحظة الصمت والهدوء اللي ما بينهم دي تتحول لعاصفة أو تنتهي لو حد فيهم اتكلم!
لسة في كلام كتير محتاجين يقولوه لبعض، لكن قلقانين زعلهم يكبّر الموقف بينهم، ويتحول الحوار من نقاش عتاب ولوم لجدال وخناق.
لحد ما قررت هي تقطع الصمت ده، سحبت ايدها براحة من بين كف ايده اللي كان محاوطها من أول الطريق، وقفت مكانها بصتله  واتكلمت بحزم:
_ ممكن بقى تفهمني أنت بتعمل ايه؟؟ أنا سيبتك تجرجرني وراك من أول الطريق زي الأطرش في الزفة بمزاجــي، بس دلوقتي عايزة أفهم كل حاجة، وشقة إيه اللي قولت عليها؟!!
بصت للمكان حواليها بحيرة وهي بترفع أكتافها: بقالنا يجي ربع ساعة ماشيين، وأنا مش عارفة إحنا رايحين فين ولا إيه الطريق اللي أول مرة أمشي فيه ده، أنت بتعمل إيه بالظبط؟!
قالت سؤالها الأخير وهي بتبصله، رجع يمسك ايدها اللي شدتها من ايده تاني، كمّل مَشي وخلّاها تمشي جنبه تاني بعد ما كانت وقفت مكانها وهو بيرد على تساؤلاتها بإبتسامة صغيرة:
_ أولًا أنا ماجرجرتكيش ورايا زي الأطرش في الزفة زي ما بتقولي، أنا مسكت ايد مراتي ومشيتها جنبي بكل أدب واحترام عادي..
بصلها من طرف عينه وكمّل بغمزة صغيرة من عينيه: ثانيًا أنا عارف إنه بمزاجِك من غير ما تتحمقي أوي كدا...
بص قدامه تاني: ثالثًا بقى ... إحنا رايحينله أهو!
رجعت وقفت تاني وشدت ايدها من ايده مرة تانية لكن بانفعال، بصتله واتكلمت بنبرة حادة وعالية شوية عن طبيعة صوتها:
_ نديم! ماتتعاملش وكأن مفيش حاجة، الموضوع مش easy وبسيط زي ما أنت واخده كدا..
ورجعت تبص لثواني حواليها ووراها وقدامها على أمل تستشف هم فين أو تلمح أي حاجة تدلها على طريق العودة، ولما يأست من محاولات المعرفة دي بصت لنقطة بعيدة عن عنه تمامًا واتكلمت وهي بتتحاشى النظر ليه:
_ أنا عايزة أرجع، رجعني البيت يا نديم لو سمحت دلوقتي..
بصلها بصمت لحوالي دقيقة، ماردش على كلامها ولا تحرك من مكانه، وهي كذلك .... مع سكوته اللي طال وشعورها بنظراته المصوبة عليها مانطقتش كلمة واحدة.
فرجع يمسك ايدها للمرة التالتة، وكان على وشك يتحرك ويمشي وهي جنبه تاني لكنها نفضت ايده وزعقت بضيق من لامبالاته - من وجهة نظرها - :
_ يا نــديــم!!
أنظار الناس توجهت ليهم بعد ما جذبها صوتها العالي، بَص نديم حواليه للناس بعدين ليها، نظرة حادة فيها شيء من الصرامة، وهي كذلك بصت حواليها وشافت نظرات الناس المعلقة بيهم فحست بالخجل، الإحراج ... والندم!
بصتله بطرف عينها وراسها في الأرض نتيجة شعورها بالذنب من الخطأ اللي عملته بدون قصد، بلعت ريقها وطلع صوتها بصعوبة: روحني يا نديم دلوقتي، لو سمحت!
أخد نفس طويل وهو بيمسح وشه بإيده وراسه للسما، بعدين بصلها واتكلم بحزم وهو بيشاور للطريق قدامه:
_ امشي يا فاتن، ورايا أو جنبي اللي تحبيه، بس مفيش رجعة لبيتكم غير لما نتكلم..
ولف أعطاها ضهره ومِشىٰ كام خطوة لقدام ببطئ مُتَعمَّد؛ عارف إنها هتُقف شوية تستوعب كلامه بعدين هتتحرك وراه، وقد كان .. بصت لضهره وهو بيتحرك بصمت لأربع أو خمس ثواني قبل ما ترفع طرف الدريس اللي كانت لابساه وتلحقه بسرعة قبل ما يبعد.
وعدّىٰ كمان عشر دقايق بصمت ما بين الإتنين، كانت شوية تمشي وراه وشوية تلحقه فتمشي جنبه، فيزيد من سُرعة خطواته عن قصد وهو بيفتكر جملتها اللي كانت دايمًا تقولهاله..
" يا نديم امشي براحة! حد بيجري وراك؟! "
وكان بيرد عليها وهو بيضحك..
" أقسم بالله دي مشيتي العادية، أنتِ اللي فافي وصحتِك على قَدِك!"
ابتسم نديم وهو بيفتكر الموقف البسيط ده، بصلها بطرف عينه وهي بتجاهد عشان تلحقه كل ما يسبقها فاتفاجئ بيها بتقول:
_ براحة يا نديم في ايه ... شوية وهجري وراك!
دارىٰ ابتسامة كانت على وشك تظهر على وشه واتحمحم وهو بيرد عليها بصوت اصطنع الجدية فيه:
_ دي مشيتي العادية مش بجري ولا حاجة..
وقفت مكانها تاخد نفسها بتعب حقيقي من شبه الجري اللي جريته وهي بتحاول تلحقه فوقف على بُعد منها وبصلها وإيدها في وسطها وبتنهج بإبتسامة صغيرة..
اتحرك ناحيتها واتكلم وهو بيمسك ايدها للمرة الرابعة!
_ خلاص قربنا نوصل أهو..
فرفعت راسها وبصتله ثانيتين بصمت قبل ما تعتدل في وقفتها وتكمل مَشي معاه، بعد ما قلل من سرعته عشان يواكب سرعتها، وبدون ما تسحب هي ايدها.
لحد ما بقوا في مكان مختلف، مكان أهدى بكتير عن اللي كانوا ماشيين فيه وعن منطقة بيوتهم، مكان بنايات أرقى وطريقه كله مُسفلت.
بصتله بعدم فهم وهو مابصش، كمل طريقه ووجهته ناحية بيت بعينه، حط ايده في جيبه وطلع مفاتيحه، بصتله بدهشة وهي شايفاه بيحط المفتاح في البوابة الرئيسية لإحدى البيوت: أنت بتعمل ايه؟؟
ضحك ضحكة صغيرة على ريأكشن وشها وجاوبها وهو بيزق البوابة بعد ما فتحها: بدخل بيتنا..
بصلها واختفت ضحكته وحل مكانها بسمة صغيرة: بيتِك!
وكان هيدخل وهو لسة ماسك ايدها، لقاها بتتمسك بإيده أكتر، بتضغط عليها وهي مثبتة نفسها في الأرض، رفضت الحركة وهي بتوقفه:
_ في ايـه مش فاهمة! إحنا داخلين على أساس إيه؟!! وبيتنا إيه ده؟!!
شدّها بقوة لجوة وهو ب بيتكلم بهزار: بت أنتِ مش وش نعمة والله، خُشي يا فاتن هو أنا خاطفِك!!
دخلت وراه وهي بتوزع نظراتها في كل جزء في المكان حواليهم، بداية من الجنينة الصغيرة اللي كانت محاوطة المكان، مرورًا بالبيت اللي كان رغم صغر حجمه إلا إن تصميمه وألوانه ومدخله الرئيسي مبهرين، وأخيرًا ثبت بصرها على وشه..
كان متابع حركة عينها بسعادة فضتحتها دقات قلبه، ولما بصتله وسألته بدهشة: ايه ده؟!
زاد حماسه وهو بيسألها: عَجبِك؟!!
فتح دراعه وشاور للمكان: بيتنا الجديد..
_ أنا مش فاهمة حاجة، بيت جديد إيه؟ ومنين؟!!
_ ما أنتِ لو تديني فرصة هشرحلِك!
وأخد نفس قبل ما يكمل: أنا بعت الأرض بتاعتنا اللي كانت في ***، أو بمعنى أصح شغال في ورقها والعقود والكلام ده، عشان أشتري البيت ده ليكِ..
كان عقلها وقف عند أول جملة، بصتله بعيون واسعة من الصدمة: يلهوي! بِعت الأرض؟ إزاي يا نديم؟!!
قربت خطوة منه وهي بتسأله بقلق: عم مختار عِرف؟؟
وبصت حواليها وكملت بدون ما تسمع رده: هيقلب الدنيا يا نديم، إزاي تعمل كدا!!
_ أنتِ مالك أنتِ بالكلام ده؟؟ ملكيش دعوة بأي حاجة يا فاتن، المهم تتبسطي بالمكان..
مسك ايدها،
للمرة الخامسة..
_ تعالي عشان أفرجِك عليه من جوة..
مشت وراه وهي مش مستوعبة أي حاجة، وهو بيتكلم وبيشرح ليها:
_ الألوان هادية وعلى ذوقك كلها، حتى الديكور زي ما كنتِ عايزة بالظبط، لسة كمان لما ننقل العفش ونفرشه هيبقى زي ما كان في خيالِك بالظبط!!
شغّل أنوار المكان، لف بصلها فجأة وقال بتذكر: والمطبخ يا فاتن واسع وكبير، وبرضو لو حبيتِ تعدلي أي حاجة في المكان كله عرفيني وأنا هعملهالك..
كان بيتكلم بحماس، مبسوط عشان قدر يعملها حاجة تبسطها وتفرحها، لكن على العكس ... كانت قلقانة ومتوترة!
حس هو بِـدَه لما لقىٰ نفسه بيتكلم وبيوصف وهي ساكتة، وسرحانة!
لف بصلها ووقف قصادها: فاتن ... أنا عملت كل ده عشانِك، عشان أبعدِك عن البيت هناك وعن أبويا ومشاكله، عشان تكوني مرتاحة ومبسوطة ودي حاجة أنا مش شايفها دلوقتي!! في إيه؟!
_ مش بالسهولة دي يا نديم، قولتلك أنت واخد الموضوع easy وهو مش كدا، ولا هتعرف تحس باللي حسيته أو مريت بيه في الكام يوم اللي فاتوا دول..
وكالعادة خانتها دموعها وخانها صوتها في نهاية كلامها، بعدت عينها عنه وبصت بعيد فبصلها هو واتكلم بإرهاق فشل هو كمان يداريه بعد محاولات كتيرة من أول الطريق:
_ وعشان أنا عارف إني عمري ما هعرف أحس باللي حسيته بعمل كل ده يا فاتن، ربنا وحده يعلم أنا بمر بإيه كل يوم بسبب احساسي بالذنب إني ماتصلتش عليكِ يومها أو عرفت باللي حصل...
مسك ايدها وضغط عليها برفق واتكلم بصوت متعب:
_ ما تزويدهاش عليّا يا فتون، أنا حقيقي مبقتش عارف الاقيها منين ولا منين، أستحمل كل حاجة بس مش هستحمل تيجي منك أنتِ، أنا عارف إني غلطت بس والله أنا كنت ولازالت في متاهة من المشاكل، أنا ماتجاهلتكيش بمزاجي أنا فعلًا يومها مكنتش عارف ايه اللي بيحصل ولا ليه بيحصل، كل حاجة ضاقت بيّا ... مبقتش عارف أنا فين ولا بعمل ايه ولا كنت عارف أي حاجة..
دموعها نزلت واتكلمت بصوت مخنوق وهي بتبصله: أنا كنت مبسوطة أوي يا نديم، كنت طايرة اليوم ده وأنا بجهز إزاي هقولكم إني حامل، ولما نزل وكنت في عز زعلي ووجعي مكنتش موجود يا نديم، استنيتَك كتير وماجتش غير لما قررت إنه خلاص..
حضنها ونفى برأسه: عمره ما هيبقى خلاص يا فتون عُمره! اتأخرت شوية بس جيت في الآخر... 
انـ.ـفجرت في العياط جوة حضنه وهي بتتمسك في هدومه، وهو نزلت دمعة من عيونه بصمت وهو بيمسح على رأسها بحنان: وحشتيني يا فتون!
"وأنا صابر على المقسوم .. يمكن يرجعلي في يوم،
 وأنا صابر على المقسوم .. يمكن يرجعلي في يوم، 
وتكونلي معاه تاني يابويا أيام حلوة .. وحكايات حكايات حكايات حكايات.. على حسب وداد قلبي يابويا. ♡"
********************
_ مش طولوا أوي كدا ولا إيه؟؟
ردت عليه نعمة بنفاذ صبر: يابني ارحم نفسك يابني، ده أنا أمها ومافركتش الفرك اللي أنت فركته ده!
وأضاف على كلامها السيد أبوه وهو بيبصله بغيظ: ركز في حياتك اللي ملهاش مستقبل دي وسيبهم في حالهم، شوفلَك حياة يعني من الآخر..
ابتسم سراج بمكر وهو بيلزق في أبوه بشكل مبالغ فيه وبيتكلم ببراءة: طب ما أنا بتحايل عليك تفاتح عمي في الموضوع إياه وأنت اللي مش راضي يا حج!
زقه السيد بعيد: طب بس ابعد بس وبلاش تلزيق وقرف على المسا كدا...
وكمل وهو بيشاور لفوق كإشارة لبيت أخوه رؤوف أبو فارس: بيت عمك فوق أهو، يدوب ١٠ سلالم بينا وبينه، عايز تقوله حاجة قولهاله..
_ يا بابا ما أنت عارف إني اتكلمت معاه قبل كدا وقالي لما تتخرج من كلية الندامة اللي دخلتها دي! أنا لسة هستنى الهانم كمان سنتين؟!! دانا أكون خلفت مريم وياسين!!
وقبل ما يرد عليه أبوه رن جرس البيت، نط سراج من مكانه بسرعة ظنًا إنهم رجعوا أخيرًا، لكن اتفاجئ بشاب غريب واقف قصاده بيسأل عن السيد أبوه!
_ أيوة اتفضل أنا ابنه، اتفضل ادخل..
وبالفعل دخل الشاب فاتفاجئ إن أبوه عارفه، طلع شغال عند أبوه.
_ تعالىٰ يا غريب اقعد، في حاجة حصلت في الشغل ولا إيه؟؟
_ لأ كله تمام ياعم سيد، أنا كنت جايلَك في حاجة بعيد عن الشغل يعني...
قال آخر جملة بشوية إحراج خلىّ سراج ينتبه ليه أكتر، وهو متيقن إن الجاي كله مُتعة!
اتكلم غريب وهو بيمسح على رقبته بتوتر: يعني أنا والله سمعت كلام من برة كدا إن فاتن بنت حضرتك ماشية في إجراءات طلاقها..
اترسمت بسمة واسعة على وش سراج وهو بيهمس بصوت واطي: الــعــب!
_ فيعني .. يعني أنا عارف إنه مينفعش ومش أصول اللي هقوله ده، بس أنا كنت عايز أتجوز فاتن يا عم سيد..
وبدون قصد طلع صوت سراج واضح المرة دي وبإبتسامة عريضة مريبة!
_ يا ألف نهار أبيض يا حبيبي، دانت هتتروق وعهد الله!
يتبع...ᥫ᭡ 

تعليقات